- الدكتور حسن فتوخ- الكاتب العام للمرصد القضائي
المقاربات والأبعاد الحقوقية للإجهاض
![11147088_1582735858679079_473609830013766677_n[1].jpg](https://static.wixstatic.com/media/ceac98_4c9d2c0e14224114bf35a873383205c7.jpg/v1/fill/w_319,h_240,al_c,q_80,enc_auto/ceac98_4c9d2c0e14224114bf35a873383205c7.jpg)
مداخلة في ندوة نظمت بشراكة بين المرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات وكلية الحقوق بمراكش يوم 2015/3/27. يشكل موضوع الإجهاض ظاهرة بحسب جميع المداخلات و البعض يتساءل: هل لدينا أرقام أم لا؟ لماذا الأرقام الإحصائية مطلوبة مثلا في مثل هذه المواضيع؟ الجواب لإعطاء تحليل موضوعي، و لكن الكل يعلم أن الجريمة يتستر عنها، و جريمة الإجهاض لها خصوصية داخل القانون الجنائي المغربي، لأن الكل مجمع على التستر، و بالتالي ما يصل الى المحاكم -حتى و لو وجدت احصائيات- قليل. أقول إن النقاش مفتوح شئنا أم أبينا لأن هناك مرجعية ملكية نشيد بها و هي جرأة لطرح هذا النقاش على الأقل ، خصوصا و أن المبادرة الملكية جاء فيها تبادل النقاش، و بأن القضية طبية بامتياز. جلالة الملك محمد السادس نصره الله قال يجب الاستماع أيضا الى الرأي المخالف، ونحن كمرصد حقوقي نقول : إنه يجب الاجتهاد داخل الشريعة لأن الدين الرسمي للدولة هو الاسلام ، ولا يمكن أن يكون الاجتهاد خارج الدين الاسلامي. و بالتالي يجب الاجتهاد والتشاور مع العلماء خصوصا المجلس العلمي الأعلى في إطار إمارة المؤمنين و المؤسسات الحقوقية. ونخص بالذكر هنا المجلس الوطني لحقوق الانسان لأن المغرب انفتح و نشيد بذلك و بالحقوق و المناصفة والمساواة. ولكن لهذه الحقوق ولهذا الانفتاح ضريبة أيضا، نحن كحقوقيين نقول إن تناول الإجهاض يطرح مسألة أخلاقية شئنا أم أبينا أيضا ، هناك سؤال يطرح نفسه بقوة و هو جريمة الفساد، حيث لا يمكن أن نناقش و نقنن الإجهاض، وما محل جريمة الفساد من الإعراب؟ هل هي حاضرة أم لا؟ أقول هي حاضرة بامتياز و هناك تصاريح مخيفة للجمعيات الحقوقية المتعلقة بعدد الأطفال المتخلى عنهم. في ظرف خمس سنوات سنصل الى عدد خيالي، وبالتالي فهؤلاء الأطفال لديهم حقوق، و هو ما يستدعي أن نكون عمليين و منسجمين في التحليل و لنا رؤية مندمجة و مقاربة وقائية تحافظ على الأسرة والأخلاق العامة تستحضر الأسرة و المنظومة التعليمية والطبية والإعلامية للنهوض بأدوارها المتمثلة في التحسيس والتوعية والتثقيف والتخليق، من خلال التأكيد و تكريس القيم و مكارم الأخلاق ، بما يضمن الحفاظ على حياة المجتمع . وبخصوص العمل القضائي نسجل أولا كمرصد حقوقي، أنه ليس هناك توحيد على مستوى العقوبة، حيث أن بعض المحاكم تحكم مثلا بالحبس الموقوف بينما محاكم أخرى تحكم بالحبس النافذ. وثانيا فالإشكال مطروح على العمل القضائي، حيث عرض في نازلة على القضاء إجهاض الجنين بعد مرور خمسة أشهر، و اعتبرت محاكم الموضوع بأن الأمر لا يتعلق بجنحة الإجهاض بل يتعلق بجناية التسميم، بعلة أن المادة التي استعملها الطبيب في قتل الجنين بمثابة تسميم. و كما هو معلوم فإن عقوبة الجنحة ليست هي عقوبة الجناية، ولكن مع ذلك أعادت محكمة النقض النظر في تعليل هذا الحكم. و قالت بأن هناك فرق كبير بين الإجهاض و جناية التسميم، على اعتبار أن هذه الأخيرة تقتضي نية إزهاق الروح. و تنطبق على الأحياء و ليس على الأجنة. كما أن النقاش المطروح لا يقتصر فقط على المستوى القانوني أو الاجتماعي، بل حتى على المستوى القضائي. فحينما نقول إن المسألة خلافية حتى بين الأئمة و المذاهب الأربعة وداخل كل مذهب على حدة وإذا كانت وزارة العدل تفكر في حصر الموضوع في 3 حالات و هي : زنا المحارم والاغتصاب و التشوه الخلقي، نحن كحقوقيين و مرصد حقوقي نطالب باستحضار الوزارة مسألة الأم عندما تصاب بداء فقدان المناعة المكتسبة و ينتقل الداء الى الجنين. و هي مسألة مطروحة على المحك. هل يجوز لها طبيا أن تسقطه؟ هناك حالات أخرى كأطفال الأنابيب، حيث يقع زرع البويضة خارج الرحم. و هي إذن مسألة فقهية. أي رأي يمكن أن نتبعه؟ هل نتبع المذهب المالكي؟ هل ننفتح على غرار باقي المذاهب؟ و حينما نقول فتح المجال أمام أطفال الأنابيب- و هي مسألة مقننة- من الناحية القانونية و الفقهية، وفي اجازة هذا النوع من المختبرات ، هل يعتبر جنينا أم لا؟ أقول بأنه ليس هناك أي تنظيم. حتى الجنين لم يتولاه المشرع بأي تنظيم لا داخل مدونة الأسرة و لا خارج مدونة الأسرة. فما هو مفهوم الجنين داخل الرحم أو خارج الرحم؟ هناك أيضا مستجد بالنسبة للجنين هو امكانية استعمال الأجنة القابلة للحياة في زرع الأعضاء. الذي يجب التأكيد عليه هو ماذا نريد؟ هل نريد مجتمعا مغربيا وفق الخصوصية المغربية أم أننا نتخبط ما بين أننا مع الانفتاح و مع المحافظة. أقول: يجب أن نكون منفتحين في ضوء ما تسمح به الشريعة، ولا يمكن أن نخرج عن الضوابط الشرعية التي تسمح بالاجتهاد المنفتح و المسؤول مع أهل العلم و الاختصاص
الدكتور حسن فتوخ الكاتب العام للمرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات عضو المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة